أهل الأحساء ومكانتهم عند أهل البيت
للشيخ عقيل الشبعان
• «لو فقد الإسلام من الدنيا لوجد في هجر» الرسول الأعظم .
• «يا رشيد أنت معي في الجنة» الأمام علي .
• «يا معشر الشيعة علموا أبناءكم شعر العبدي» الإمام الصادق .
• «الآشورية والسومرية والبابلية.. كانوا مهجرين أصلاً من الأحساء» المؤرخان الكبيران توينبي وهريدوث.
• «لم تقدح حتى توقد نار بهجر» مثل عربي.
• «مؤذن الحسين يوم الطف كان من أهل الأحساء.. ولم تكن علاقتنا بأهل البيت محدودة بل تعدت ذلك»
علاقة الأحساء بالحضارات الإنسانية:
أن المنطقة قديماً كانت منقسمة إلى ثلاث مواطن هي «البحرين والقطيف والأحساء»، فالبحرين كانت تسمى جزيرة أوال، والقطيف ومن حولها كانت تسمى بالخط، والأحساء كان يطلق عليها هجر، وهذه الأقطار الثلاثة كانت تسمى جميعاً بالبحرين وكانت ممر تجاري مهم، فالبضائع القادمة من الهند الذاهبة إلى كلً من العراق ومصر وكان لابد من اجتيازها وبطبيعة الحال كانت محل لاحتكاك مع الشعوب الأخرى والحضارات الأخرى وهذا ساهم في رقي المستوى الثقافي والفكري في المنطقة.
واستشهد بمؤرخين كبار يثبتون علاقة الأحساء بالحضارات الإنسانية حيث قال:«وذكر هريدوث المؤرخ الكبير وكذلك توينبي المتخصصان في تأريخ البشرية من أن الحضارات التي ظهرت في العراق «الآشورية والسومرية والبابلية» كانوا مهجرين أصلاً من الأحساء، ويقول أيضاً توينبي حتى الحضارة الفينيقية التي نشأت بين سوريا ولبنان هي أقوام هاجروا من الأحساء، وتقدر تلك الحقبة من ألفين وخمسمائة سنة قبل الميلاد ومن الأدلة التي أثبتها علماء لآثار هي وجود صورة النخلة منقوشة على مسكوكاتهم رغم من أن سوريا ولبنان منطقة لا يزرع فيها النخل ويفسر هذا توينبي لأنهم يتشوقون إلى موطنهم الأصلي وهو شرق الجزيرة العربية.»
وكان في معرض حديثه «مكانة الأحساء بين العرب» حيث كان لهجر شهرة بين العرب حتى كانت العرب «لم تقدح حتى توقد نار بهجر» بمعنى لا يمكن أن تنال ميرة العيد والطعام والسلاح والأدوات حتى يروج السوق في هجر، وكانت تعقد في هجر سوق تسمى بالجرعاء، وقد حددتها البعثة الدنماركية من أنها تقع بين البطالية والمبرز، وكان أهلها يشتهرون بالثراء وكانت تعقد على تل أحمر ويقام في شهر ذي الحجة يأتيها العرب من كل بقاع الجزيرة العربية وكانت مشابها بسوق عكاظ ويروج بها الأدب والشعر ويأتيها أقوام من الفرس فتروج التجارة والثقافة في تلك السوق وهناك أيضاً سوق أكبر من جرعاء ولضخامة حجم السوق حمل أسم هجر.
لو فقد الإسلام من الدنيا لوجد في هجر:
أن للأحسائيين أيضاً إسهامات قد خدمة الدين فهم قد دخلوا الدين من غير حرب حتى قال الرسول الأعظم فيهم «لو فقد الإسلام من الدنيا لوجد في هجر» وهناك رواية سمعها الشيخ الشبعان من مولانا الرحال آية الله الشيخ محمد الهاجري «قدس سره» تقول: «لو فقد الإيمان من الدنيا لوجد في هجر».
إن من ضمن جهاز الزهراء حصيرة هجرية والأموال التي جيء بها لتكون مهر لزهراء كانت أموال هجرية تسك من الفخار، وكانت الدرع كذلك التي باعها أمير المؤمنين لتكون مهراً لفاطمة الزهراء أيضاً من هجر وتسمى الحطمية وكانت صلبة تتحطم عليه السيوف.
الأحسائيون وأمير المؤمنين عليه السلام :
ولم تكن علاقتنا بأهل البيت محدودة بل تعدت ذلك وكان هناك رجال يعدون من خواص أمير المؤمنين مثل رشيد الهجري وصعصعة بن صوحان العبدي وزيد بن صوحان وخلاس العبدي. ففي الجزء الثاني من كتاب «الغدير» للشيخ الأميني يعرض جمهرة كبيرة من أسماء الصحابة والتابعين الهجريين الموالين لأهل البيت .
وكان أمير المؤمنين يعتمد في كثير من الأمور على الأحسائيين فإذا أراد أن يرسل رسول «فصيح» فليس له إلا صعصعة بن صوحان العبدي، حتى أن معاوية قال ما هذه الفصاحة التي عندكم يا عبد القيس. ولم يكن صعصعة فقط رسول لأمير المؤمنين فقد كان مستشاره الخاص، وذلك لعلمه وحكمته وفصاحته. وفي عهد معاوية غضب عليه ونفي صعصعة إلى جزيرة البحرين وقبره موجود إلى الآن. وكان أمير المؤمنين في وقت الحرب يضع عبد القيس في المقدمة ويعطيهم الراية العظمى وبالذات صعصعة بن صوحان وخلاس العبدي وكان إذا أشتد القتال يصيح «ربيعة ربيعة السامعة المطيعة» -يقصد بني عبد القيس- أما زيد بن صوحان فقد قتل في يوم الجمل وقطعت ساقه فأخذ ساقه فرمى بها فجعل يقول «ياساقي لاتراعي، إن معي ذراعي، أحمي بها كراعي» حتى خر شهيداً بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . وقبل أن تقوم وتشد معركة الجمل ألتفت أمير المؤمنين إلى أصحابه ونادى :«من يخرج يدعوا القوم إلى كتاب الله وليعلم من انه مقتول» فلم يقم أحد إلا شاب من بني عبد القيس رغم من أنه كان من بين الأصحاب الأنصار والبدريون ومن أهل الكوفة أيضاً.
يا رشيد أنت معي في الجنة:
وأسترسل الشيخ الشبعان في ذكر مواقف الهجريين مع علي بن أبي طالب، خصوصاً رشيد الهجري فقد عانى -رشيد الهجري- بعد استشهاد أمير المؤمنين فقد جاء به الطغاة وقطعوا يداه وصلبوه بالكناسة، وقطعوا لسانه بعد ذلك لأنه كان يخطب على الناس بفضائل علي بن أبي طالب ولم يتوقفوا من تعذيبه حتى قطعوا رأسه ورموه في حجر ابنته وكانت صلبة اللسان فصاحت «أخذتموه حيا وجئتم به قتيلا أتظنون بفعلكم هذا نبرأ من أبي تراب لا والله إنما نمد الأعناق ونمد الأيدي في حبه» وسجنت وعذبت لإلقائها هذه الكلمات ولأشعارها في حب آل البيت . وكان أمير المؤمنين يقول دائماً لرشيد الهجري «يا رشيد أنت معي في الجنة» وخصه بخصائص ما خص بها أحد غيره.
«فالأحساء حوصرت في عهد الحجاج لأنه كان يحارب، ويضايق، ويطارد كل محب وموالي لأهل البيت فحرقت النخيل، ودفنت أكبر عيونها وكانت تسمى ذات الشجور وأبوا أهالي الأحساء إلا ولاية علي فصبغة الولاء لأهل البيت كانت منذ وقت طويل جداً.»
يا معشر الشيعة علموا أبناءكم شعر العبدي:
والتعلق الأحسائي بأهل البيت ممتد حتى مع باقي الأئمة فهناك ثمانية من أنصار الحسين كانوا من أهالي الأحساء، ومؤذن الحسين يوم الطف عقد بن سمعان كان من أهل الأحساء، وحتى خادم لحسين الخاص الذي يقدم له الراحلة ويعقل الراحلة إذا نزل منها الحسين هو هجري أسمه أسعد الهجري. وكان للإمام الصادق شاعران نستطيع أن نطلق عليهما الناطقان الرسميان هما سفيان بن مصعب العبدي ويحيى بن بلال العبدي، وقال الصادق في العبدي «يا معشر الشيعة علموا أبناءكم شعر العبدي فأنه على دين الله» لأنه كان يصوغ الأحكام والعقائد أحاديث الإمام على شكل أبيات شعرية. وكان أول شاعر ينعى الحسين في مجلس الإمام الصادق هو سفيان بن مصعب العبدي حيث كان الإمام يطلب دائما من العبدي أن ينشد أبيات في جده الحسين وبحضور جمع كثيف من الناس. وكانت أبياته تتردد على ألسن الناس في ذلك الوقت. لذلك لا نستغرب من وجود هذا الهلع لدى شعراء الأحساء المنشدين في الحسين مثل ابن فايز وابن النصار وملا عطية الجمري..
بالاضافة إلى العلماء والأفاضل الذين كانوا من هذه المنطقة كالشيخ ابن أبي جمهور التهيمي الأحسائي، الذي لم يوجد من هو أفضل منه مناظرا لإثبات حق أهل البيت في العالم الشيعي قاطبة وكذلك قرية التهيمية التي ولد فيه الشيخ أبن أبي جمهور التي حوت بين لابتيها أكثر من أربعين عالما والشيخ البويهي، والشيخ أحمد بن فهد التيمي الأحسائي، والشيخ أحمد أبن زين الدين الأحسائي، الذي قلدته في زمنه ربع سكان إيران فتلك الفرصة لم تحذو لأحد غير ذلك الرجل.
أليس جدير بنا أيها المؤمنون وأيتها المؤمنات أن نكون كأجدادنا:
من أن هذه المنطقة طالما قدمت رجالا ساهموا في دعم الإسلام، وقام على كواهلهم المعتقد، وكانوا خواص لأهل البيت من الرسول الأعظم وأمير المؤمنين حتى باقي الأئمة الأطهار ، فقد كان منهم شعراء ورواة وحمال حديث وأهل علم..
«أليس جدير بنا أيها المؤمنون وأيتها المؤمنات أن نكون كأجدادنا وأليس جدير من أن لا نخيب أمال النبي فينا عندما قال «لو فقد الإيمان لو جد في هجر»، بأن نكون مستقيمون ومتدينون أيليق بشباب الأحساء أن نراهم هكذا وأن نرى فتياتنا وشبابنا منجرفون وراء الرذيلة ووراء الانحراف، فإذا كان أجدادنا مع النبي، ومع الإمام علي، ومع الإمام الصادق، وقدموا أنفسهم وأجسادهم في سبيل نصرة الدين ونصرة الحق فلماذا الحجة المنتظر (عج) يكون خالي منا فيجب علينا أن نتهيأ ونتحلى بالإيمان وبحسن السيرة وأن يرجع الإنسان إلى ربه. فكما حمل أجدادنا الراية مع أمير المؤمنين سنحمل الراية إن شاء الله سوف نحمل الراية مع الحجة المهدي.»
اللهم صل على محمد و ال محمد